سلسلة مقالات – الانضباط الوظيفي
بقلم د/ محمود الضابط
المقالة السابعة
زيادة تقديرك لذاتك
“هناك دليل دامغ على أنه كلما كان المرء يتمتع بمستوى أعلى من احترام الذات، كان من الأرجح أن يتعامل مع الاخرين باحترام، وود، وسخاء”.
ناثانيال براندون
فى علم النفس عادة ما تستخدم تعبيرات “احترام الذات”، و “القلق”، و “السعى وراء الكمال” فى نفس السياق لأنها سمات تميل للتأثير على بعضها البعض. فأولها، وأعنى احترام الذات، له تأثير عميق على كافة أوجه حياتنا على وجه التقريب . فشعورنا تجاه أنفسنا يؤثر على كل ما نفكر فيه، وكل ما نلفظ به، وكل ما نأتيه من أعمال.
ولكن ما احترام الذات، وما علاقته بالتأخر المزمن؟ إن أحترام الذات، أولا واخيرا، هو احترام المرء وحبه لذاته. وهو الشعور بالفخر بهويتك والطريقة التى تعيش بها حياتك. وهناك ثلاث وسائل من الممكن أن يؤثر بها احترام الذات على التزامك بالمواعيد :
عندما تعانى من تدنى احترامك لذاتك، تميل توقعاتك لنفسك إلى التدنى. ويسبب هذه التوقعات المتدنية، ربما ترصد معايير متدنية للطريقة التى تعيش بها حياتك. والتأخرالمزمن، وعدم القدرة على التعويل، والتسويف من الممكن أن تشكل جميعها جزءا من هذه المعايير الأدنى من المعتاد.
من الممكن أن يؤدى تدنى احترام الذات الى مشاعر القلق والاكتئاب، مما يدفعك الى الانهماك فى نوع من الافعال أشير انا اليها بأسم “عرض المتهرب”، فى محاوله للتخفيف من هذا القلق. والحاجة الملحة للتخفيف عن نفسك من الممكن أن تحوز أولوية أعلى من محافظتك على المواعيد.
واحترام الذات المتدنى من الممكن أن يؤدى بك الى الخوف من النجاح أو الفشل، والانخراط فيما يعرف ب “تعجيز النفس”.
ربما أنك تحدث نفسك الان قائلا: “إن احترامى لذاتى لابأس به، أشكرك”. لقد كبر كثيرون منا كراشدين فى قوقعة بمعزل عن المحيط الخارجى وصرنا نحب ونحترم أنفسنا على حالها. ومع ذلك فأحيانا ما يستمر بعض الماضى غير المشمول بالامان فى ملاحقتنا، حتى بعد زوال المصدر الأساسى لهذه العادات بفترة طويلة. فى الصفحات التالية، ستتعلم كيف أن تجارب انعدام الثقة القديمة قد يكون لها أثر على حياتك، وكيفية التغلب على عادات مثل التسويف، والسعى وراء الكمال، والقلق التى عادة ما تترسب بما يتجاوز الأسباب الأصلية.
التوقعات
لدى بعض الناس، وأعنى المحظوظين منهم، بوصلة داخلية لاحترام الذات يبدو كما لو كانت السفينة التى تحملهم عبر تقلبات الدهر فهم يثقون بأنفسهم، وبسبب هذا الاعتقاد فهم يرصدون لأنفسهم توقعات عالية. بالنسبة لغالبية الناس، فإن الوفاء بتوقعاتهم الخاصة هو أمر غريزى، وهو ما يعرف بنبؤة ذاتية التحقق. واحترام الذات، والتوقعات، والأفعال تشكل نوعا من الدائرة فى حياة كل منا. فالأول يحدد نوع التوقعات التى نرصدها لأنفسنا، وهذه التوقعات تؤثر على أفعالنا، وأفعالنا بدورها تشكل مستويات احترامنا لذاتنا.
ومما يدعو للأسف أن النبؤة ذاتية التحقق تسرى فى الاتجاه العكسى أيضا. فعندما تفتقر الى احساس صحى بالفخر بنفسك، فان افعالك تعكس هذه المشاعر. والتأخر بصفة مستمرة عن العمل، أو نقض العهود بشكل مستمر قد يكون وسيلة للوفاء بالتوقعات المتدنية وقد يبدو حتى طبيعيا.
القلق
عندما تستعد صديقتى سوزان لحفل ما فانها تمر بنفس السيناريو فى كل مرة . فبينما تتفقد خزانة ملابسها , يبدا شعور بالتوتر ينتابها . و تقول لنفسها قلقة : ” ليس لدى ما ارتديه ” . و بينما انها تستمتع بالحفلات الا انها لا تشعر بالراحة الكاملة فى وجود الغرباء و تخشى الا تجد ما تقوله . و العثور على الملابس المناسبة يمنححها قدرا من الثقة و يزيل من مخاوفها الى حد ما .
و إذ يقترب وقت المغادرة يزداد القلق لدى سوزان . فترتدى الفستان المقر ان ترتديه للحفل على سبيل التجربة بيد انها لا ترضى عن شكلها فى المراة فهو ليس المظهر الذى تأمله . و سرعان ما تجرب الفستان تلو الاخر على امل ان تجد الفستان المثالى . و تتكدس كومة من الملابس على سريرها و يمر وقت الرحيل بيد ان سوزان لا تفتأ ترتدى فستانا و تخلع اخر . و عندما تصبح مستعدة للذهاب , تكون قد تاخرت بشدة .
ان القلق و هو عرض كثيرا ما يصاحب الاحترام المتدنى للذات , هو خيط مشترك يسرى فى حياة كثير من المتاخرين . و الحاجة الملحة لتخفيف القلق من الممكن ان تكون قوية لدرجة انها من الممكن ان تحتل مرتبة اعلى من مراعاة شعور الاخرين لدى البعض . و فى حالة سوزان , راينا كيف ان الاحترام المتدنى للذات ادى الى شعورها بالتوتر الامر الذى ادى بدوره الى سعيها للكمال كوسيلة لتخيف القلق . لقد حاولت بشكل غريزى ان تعثر على وسيلة لكى تشعر بالثقة و ركزت كل طاقاتها على جانب واحد يسعها السيطرة عليه و هو مظهرها .
فعندما تعثر سوزان على الفستان المثالى للحفل فهذا يمنحها شعور ا بان كل الامور تسير على ما يرام و لذا فان العثور على الملابس المناسبة صار يحوز على اهمية مغالى فيها . و بدلا من ان تتقبل مخاوفها و التحرك فى الطريق الذى يجب ان تسلكه – اى الحفل – ركزت على الظهور بمظهر مثالى . فهى تركز على الاصلاح الخارجى .
إن الكمال بدون شك ليس سمة مستهجنة دائما . فرصد معايير عالية فى الحياة امر مهم . و لكن اذا كان الكمال ما هو الا رد فعل للقلق فان المعايير لا تكون عالية فحسب بل ايضا غير واقعية . فعندما يكون الخوف هو الحافز وراء السعى وراء الكمال , من الممكن ان تقع فى دائرة غير مثمرة تحاول فيها الى ما لا نهاية التخفيف من التوتر الذى لا يزول ابدا .
عرض المتهرب
من السبل الأخرى التى يمكن ان يؤدي من خلالها احترام الذات المتدنى و القلق الى التاخر المزمن هو ما اطلق عليه ” عرض المتهرب ” . فبدلا من ان يلجا المتهرب الى السعى وراء الكمال للتخفيف من وطأة القلق فانة يتجاهل الساعة او يجد انشطة اخرى تساعده على تجنب التزاماته . و قد تشرع المراة المتهربة فى جوب المنزل لتصليح الاجهزة الكهربية او تقر فجاة ان مجوهراتها فى حاجة الى الصقل . فمثلها مثل النعامة التى تدفن راسها فى الرمال , نجد ان المتهربة لها القدرة على الحد من علة قلقها و التركيز بدلا من ذلك على مهمة تافهة مثل شحذ اقلامها الرصاص فى مكتبها . و لا يسعها ان تجبر نفسها على التصرف سوى فى نهاية المطاف.
و بعض المتهربين هم اشخاص معرضون للاصابة بالاكتئاب و يجدون صعوبة فى المضى قدما بسبب مشاعر الكسل او الياس . و هذه المشاعر من الممكن ايضا ان تؤدى الى القلق , اذ يشعر المرء بالذنب و الندم على على ما يراه الناس كمهام ينجزها الاخرون بسرعة هائلة . فمغادرة المنزل من الممكن ان تمثل عملا لا سبيل لتذليله لشخص يشعر بالاكتئاب .
و الجميع يشعرون بالتوتر من ان لاخر بالطبع و لكن اغلب الناس بالرغم من ذلك يستطيعون الوصول الى وجهتهم فى الموعد المحدد و يتجنبون المماطلة المفرطة . ما السر وراء استجابة البعض للقلق اقوى من البعض الاخر ؟
لقد أثبتت الأبحاث أن البعض يتمتعون بقدر اقل من تحمل القلق عن البعض الاخر . فهم يستشعرون القلق بشكل اكثر عمقا و اكثر اطرادا . و الادهى انهم قد لا يدركون السبب وراء توترهم او لا يعرفون كيف يتجاوزون مشاعرهم . و عندما لا تفهم او تدرك مشاعرك , من الممكن ان تعتاد على الاستجابة لها بشكل تلقائى بحيث تقوم باشياء بشكل غريزى لكى تشعر بالتحسن مثل تجربة عشرة اثواب او ممارسة لعبة تجاهل الساعة .
و ما من شك ان القلق و التسويف ليسا مقصورين بشكل حصرى على المتاخرين . ففى الدراسات التى اجريت على المواظبة , اكتشف ان الاشخاص المتاخرين اكثر توترا بصفة عامة من الاشخاص المواظبين , لا فى ظروف مثل مقابلات العمل الشخصية فحسب او المواعدات الاولى بل فى شئون الحياة بصفة عامة ايضا . فلقد بدا كثير منهم و كأنهم يعيشون بشعور طويل الاجل من القلق . و ينظر علماء النفس زاعمين ان بعضنا مولود بطبائع اكثر حساسية او خوفا وهو ما يمكن ان يؤهلنا مسبقا للتسويف فى المواقف غير المريحة او المخيفة .
الخوف من النجاح والخوف من الفشل
الخوف من النجاح
ان السواد الاعظم منا يود ان يحقق النجاح ,سواء على المستوى العملى ,أو على مستوى العلاقات ,أو على مستوى الحالة الصحية ,أو على مستوى المظهر.ولذا,فمن الصعب أن نتخيل أن احدا يخشى النجاح ولكن النجاح من الممكن أن يمثل للبعض مفهوما مخيفا .فهو من الممكن أن يضعفنا فى نطاق مخيفا بعيدا عن المنطقة المريحة التى الفناها .وقد لا يتفق أيضا النجاح مع الصورة التى رسمناها لانفسنا .
والاشخاص الذين يخشون النجاح عادة ما ينخرطون فيما يطلق عليه “تعجيز الذات” ,اذ يتصرفون بطرق تضمن لهم ألا يتركوا الامان الذى يتمتع به موقفهم الحالى .وقد يحضرون الى العمل دائما متاخرين ,ويخفقون فى الوفاء بالمواعيدالنهائية بصفة منتظمة ,أو يرجئون المشاريع حتى الدقيقة الاخيرة .ما الذى يدعو أى شخص لاعاقة نجاحه؟ان هذا ليس فعلا واعيا , بل وسيلة اعتيادية للتصرف قائمة على تقدير منخفض للذات فالانسانة التى لا تستطيع أن تتخيل نفسها ناجحة عادة ما ستتعلق بخطأ قاتل شىء يحول دون مضيها قدما .وتعدشيرلى مثالا لشخص يخشى النجاح :
تعمل شيرلى كمنسقة اعلان لصالح وكالةاعلان صغيرة فى دالاس .ويكن لها مديرها احتراما كبيرا وشرع فى اشراكها فى انشطة أكثر تقدما مثل العروض التقديمية للعملاء وعمليات المراجعة ولقد تحدث اليها بشان احتمال ترقيها لوظيفة مسئول عن أعمال شركة اذا عالجت مشكلة تأخرها وميلها الى التسويف .
وتروق لشيرلى فكرة الترقى وتقاضى راتب أكبر , بيد أنها لا تستطيع أن تتخيل نفسها فى منصب تنفيذى وبدون مرشد يدفعها للامام ينتابها القلق من انها ستفتقر للحافز او الطاقة لمواكبة المتطلبات الجديدة فتحث نفسها متسائلة:”ماذا لو رقانى ثم أدرك أننى لست الانسانة النشطة التى ظنها ؟وماذا لو فصلت من عملى ؟”.
ان شيرلى لا تعتقد حقا انها من الاشخاص الذين يستطيعون التعاقد مع شركة ذات حيثية او ينجحون فى عمل عرض تقديمى كبير ولذا فهى تتمسك بخطأ قاتل يحول دون مضيها قدما .وتتصرف بشكل يتسق وتصورها الذاتى عن نفسها ,كأن تصل متأخرة للاجتماعات وتسليم تقارير معدة بتسرع.
وبينما ان الخوف الذى تشعر به شيرلى حقيقى ,الا انه من الممكن الا يكون له أى اساس . ان الاشخاص القادرين على تجاوز شكوكهم فى انفسهم عادة ما يكتشفون انهم قللوا من تقديرهم لقدراتهم وغالا فى المصاعب المرتبطة بالانجاز وبمجرد أن يكفوا عن تعجيز انفسهم عادة ما يندهشون لمدى كفاءتهم .
الخوف من الفشل
وبينما يخشى المتأخرين من النجاح نجد ان البعض الاخر يخشى من الفشل . وما من احد يود ان يفشل بالطبع ,ولكن بالنسبة للبعض نجد ان الخوف من الفشل يمكن ان يشل مشاعرهم . والاشخاص الذين يخشون من الفشل الى هذا الحد عادة ما ينظرون اليه كدليل على الضعف او عدم الكفاءة بدلا من كونه نكسة مؤقتة.ولذا فانهم يوظفون خطأهم القاتل الخاص بهم بشكل مختلف .فهم يستخدمون التاخر او غيره من اشكال المماطلة كوسيلة دفاع , او مرجع يستطيعون التعلل به اذا ما فشلوا , “اننى مدرك اننى ساحصل على هذه الترقية اذا شرعت فى الحضور الى العمل فى الموعد المحدد “. انهم يجدون الامر أقل مشقة لو دمروا أنفسهم بعيب بسيط “قابل للاصلاح” مما لو واجهوا احتمال الفشل لانهم لم يرقوا للتحدى .
ان المماطلة والتاخر المزمن يسمحان لك بتخيل أنك ان استطعت أن تتجاوز هذا العيب البسيط , فستصب نجاحا هائلا وعدم حلك لمشكلتك يسمح لك بالحفاظ على تصورك الشخصى لنفسك.
كيف بدأ الامر برمته
ما السبب وراء احترام الذات المتدنى والقلق ؟ يقترح دكتور ادموند جيه.بورن,مؤلف كتاب the anxiety and phobia Workbook ,أن العوامل الوراثية الى حد ما من مسببات احترام الذات المتدنى والقلق فيقول :”ان ما يتم توارثه يبدو وانه نمط شخصية عام يجعل المء عرضة مسبقا للقلق “. وهناك علماء نفس آخرون ينسبون مؤثرات عائلية وبينية , وكذلك أفعالنا الشخصية الى تطور احترامنا لذاتنا .
والمؤكد أن احترام الذات هو مهارة يستطيع أى شخص الى حد كبير اكتسابها فهى ببسلطة طريقة التفكير والتصرف والحديث توحى بالاحترام .فالامر لا يستدعى أن يكون لديك الابوان المناسبان ,أو تكون قد نشأت النشأة السليمة لكى تبنى احترامك لذاتك .فمن الممكن جدا أن تبنى احترامك لذاتك لاحقا فى حياتك .
بناء تقدير الذات والحد من القلق
“لم يفت الأوان أبدا على أن يكون المرء ما كان من الممكن أن يكونه”
-جورج اليوت
ما من شك انه لا يسعك أن تلوح بعصا سحرية فتكسب مزيدا من احترام الذات .فبالنسبة لبعض الناس ,يكون من الأفضل أيستعينوا بمعالج متخصص من أجل أكتساب احترام الذات والحد من القلق .ولكن بالنسبة لهؤلاء الذين يعانون من مشاكل متوسطة فيما يتعلق باحترام الذات هناك القليل من المبادىء الاساسية التى ستساعد على زيادة احساسك باحترامك لذاتك بشكل هائل :
- توقع المزيد من نفسك ,وافعل الصواب من وجهة نظرك.
- تعلم التعامل مع قلقك.
- تغلب على الخوف من النجاح أو الفشل بواسطة تحدى نفسك.
- قم بعمل شىء تحبه.
- أقم وحافظ على الصداقات والعلاقات العائلية.
توقع المزيد من نفسك
يميل تصورنا لأنفسنا وعاداتنا ببعضهما البعض .بمجرد ،تغير احداهما ,تتغير الأخرى.
-د.ماكسويل مالتز
ان أحد مفاتيح كسب احترام الذات هو البدء فى توقع المزيد من نفسك والبدء فى عمل الصواب حتى وان كان ينطوى على صعوبة ما .فهذا يعنى أنك تتحرك تجاه ما تعده شخصك المثالى .
ولكن أليس هذا بمثابة وضع الربة امام الحصان ؟ ألست فى حاجة الى سنوات من العلاج أولا لزيادة احترامك لذاتك .وبعدها ستتحسن أفعالك بدورها ؟ليس بالضرورة .ففى بعض الأحيان نجد أن أفضل وسائل بناء احترام الذات هى التصرف كما لو كان المرء يتمتع به بالفعل .وهذا هو ما انظر اليه كاسلوب الأبواب الخلفية.فبدلا من انتظار احترام الذات الشديد الذى يجعلك شخصا أكثر مواظبة وموثوقية ,يجب أن تمارس المواظبة والموثوقية ,وهو ما سيجلب لك بدوره مستوى أعلى من احترام الذات.
هناك حكمة قديمة تقول ” أن تفعل معناه ان تكون ” فعندما تتصرف كما الشخص الذى تود أن تكونه,تصير هذا الشخص للحظة.واذا تصرفت بهذا الشكل لفترة طويلة كافية ,فستصبح هذا الشخص بالفعل .
التمرين الاول
إن أول خطوة فى القيام بالشىء الصواب هى تصور الشخص الذى تود أن تكونه ووضع قائمة بالمعايير التى تحب أن تلتزم بها .سل نفسك عن الطريقة التى تود أن تعيش حياتك بها , وعن الاشياء المهمة بالنسبة لك , والقيم التى تقم لها وزنا . على سبيل المثال لعل النزاهة مهمة . دون هذه الملحوظة وأسهب , ربما ، أن النزاهة تعنى لك الحفاظ على كلمتك عندما تعد بالقيام بشىء ما . والآن قم بتنقيح ما دونته وصياغته فى ثلاث أو أربع جمل وضعها فى مكان ما حيث يمكنك مشاهدتها يوميا لكى تلتصق الافكار فى ذهنك .
فى كل مرة ترتقى فيها الى معاييرك,اربت على كتفك , حتى على ابسط المحاولات . وكافىء نفسك على عدم اختيارك الحل الذى تشعر نحوه بشعور طيب ,بل الحل الذى يتسق ومثلك . فمن المهم أن ترجع الفضل لنفسك متى لزم الأمر , لأنك بهذه الطريقة تعزز من أفعالك.
تعامل مع قلقك
لقد كنت أحدث نفسى : لا يمكننى القيام بهذا . والآن صرت أقول
دعنى أحاول : فربما يمكننى القيام بهذا .
– جوان لوندن، المضيفة السابقة لبرنامج Good Morning America
من أقوى الأشياء التى يمكنك القيام بها للحد من قلقك والخروج من الباب فى الموعد المحدد هو تهدئة هذا الصوت الداخلى الذى يسكن ذهنك والشروع فى الحديث بشكل لطيف مع نفسك . إن تعلم كيفية بناء الثقة من الداخل يعد حلاً أكثر فعالية على المدى البعيد مقارنة بالراحة المؤقتة التى يكلفها الرداء الجديد .
التمرين الأول
ابدأ بالتعرف على الأوقات التى تنزع فيها إلى التسويف بسبب التوتر . وراقب المشاعر والأفكار التى تجول بخاطرك . هل تنهمك فى حديث النفس السلبى ؟ هل تقول أشياء من قبيل : لن أنجح فى القيام بالأمر بالشكل السليم قط ؟ . وهل تقارن نفسك بشكل سلبي بالآخرين ؟ وهل تتضخم المشاكل البسيطة إلى كوارث ضخمة فى مخيلتك ؟
التمرين الثانى
عندما تلاحظ أنك منهمك فى حديث النفس السلبى ، قاطع هذه العملية . ومن طرق المقاطعة الفعالة الانهماك فى التأمل الصامت لدقيقة . تنفس ببطء وركز على زفيرك لدقيقة واحدة . وعد أربعة أنفاس وابدأ مرة ثانية . سيساعدك هذا التمرين على تعليق الحديث الدائر بداخلك والسيطرة مجدداً على أفكارك . لمزيد من المعلومات حول أساليب التأمل ، انظر الملحق ب .
التمرين الثالث
بعد ذلك استبدل الحديث السلبى بآخر إيجابى . تطلق جين ماسينجيل ، وهى مدربة شخصية بسان رامون ، كاليفورنيا ، على هذه العملية إطلاق أسهم على صوتك الداخلى . ابدأ بالنظر نظرة إيجابية على ما تقوله لنفسك وتحقق مما إذا كانت أية بيانات سلبية حقيقية أم لا . واضحك ملء شدقيك بينما تلاحظ سذاجة بعض مخاوفك . وبعدها استعن بواحدة أو أكثر من العبارات التالية لكى تعود إلى جادة الصواب مرة ثانية :
- ” لا بأس بي على حالي هكذا . فأنا لست فى حاجة لأن أكون مثالياً ” .
- ” ما أسوأ شيء من الممكن أن يحدث ؟ شيء لا أستطيع التعامل معه بالتأكيد ” .
- ” من الطبيعى أن ينتابني القلق بشأن هذا الأمر ” .
عندما تضبط نفسك وأنت منهمك فى حديث النفس السلبي ، تذكر كلمات ريتشارد كارلسون في كتاب Don’t Sweat The Smaller Stuff :
” ذكر نفسك بأن أسلوب تفكيرك هو المشوب بالسلبية ، لا حياتك …. والأمر يتطلب التدريب ، ولكن يمكنك الوصول إلى النقطة التي تستطيع عندها التعامل مع أفكارك السلبية بنفس الطريقة التى تتعامل بها مع الذباب فى نزهة خلوية : فأنت تبعدها عنك بيدك وتمضي فى يومك ” .
ويوصى الكاتب جاك كانفيلد مؤلف سلسلة Chicken Soup for The Soul الأكثر مبيعاً قائلاً: ” كلما شعرت بالرعب والخوف من اتخاذ إجراء ما ، كرر العبارة التالية ، ماذا لدي لأخسره ، فلأقدم عليه على كل حال ” . من الطبيعى أن يشعر المرء بالخوف ، ولكنه من السهل تجاوز هذا الشعور . فحتى أكثر الناس هدوءاً ورباطة جأش يتحتم عليهم أن يدفعوا أنفسهم دفعاً للتخلص من مخاوفهم .
إننى لن أنسى أبداً هذا الاجتماع الذي حضرته وكان وارين كريستوفر وزير الخارجية الأمريكى المتحدث فيه . فقد سأله أحد الحضور عما يتمنى تغييره سواء على مستوى أفعالة أو سمات شخصيته . فأجاب السيد كريستوفر قائلاً إنه كان يتمنى ألا يكون على هذه الدرجة من الخجل . لقد كانت هذه اللحظة تنويرية لي ، أن أدرك أنه حتى أنجح الناس فى العالم لديهم أسباب لانعدام الثقة ومخاوف . ولكنهم يتعلمون فحسب المضي قدماً فى حياتهم على الرغم من هذه المخاوف .
التمرين الرابع
فى المرة التالية التى تشعر فيها بالتوتر ، حاول التفكير فى مشاعرك كما لو كانت مشاعر إثارة . إن التوتر الفسيولوجى الذي تستشعره عندما تصاب بالتوتر يشبه كثيراً المشاعر التي تجتاحك عندما تشعر بلإثارة . إن مفهومك لهذه المشاعر هو الذي أحدث فارقاً . وعندما تعد العدة للذهاب إلى حفل ما ، فكر في وخزة التوتر هذه كما لوكانت موجة من موجات الإثارة . وركز على مسألة كم أنك تتطلع إلى رؤية المنزل الجديد للمضيف أو إلى حد سيكون الطعام شهياً . وركز تفكيرك على السبب وراء كون هذا الحفل ممتعاً ، لا للعكس .
التمرين الخامس
تخل عن السعى وراء الكمال . بداية من الأسبوع القادم ، احرص على مغادرة المنزل أول المكتب يومياً قبل أن تخلع صبغة مثالية على الأشياء . ربما تترك السرير غير مرتب أو المكتب فى فوضى عارمة . وراقب شعورك عندما ” تهدأ ” وتترك الأمور على سجيتها . من الأرجح أن تجد هذه التجربه محررة .
تغلب على الخوف من النجاح أو الفشل من خلال تحدي نفسك
” إن السفينة تكون آمنة في الميناء ، ولكن هذا ليس هو المكان الذي صممت من أجله ” .
من بين أفضل وسائل التعامل مع الخوف من الفشل أو اللنجاح هي أن تتعلم كيف تتجاوز هذا الخوف . بينما تطلع على الصفحات التالية ، ضع نصب عينيك الغرض من وراء هذا القسم ، ألا تعليمك كيفية مواجهة مخاوفك وتخليك عن ” خطئك القاتل ” . تذكر أنك لن تستيقظ هكذا ببساطة فى يوم من الأيام لتجد أنك شفيت من التسويف والتأخر . فأنت فى حاجة أولاً للتعامل مع الأسباب الكامنة وراءهــا .
التمرين الأول
قم بعمل يتطلب قدراً من الشجاعة . فكر في شيء وددت دائماً القيام به بيد أنك لم تجد فى نفسك المهارة التي يتطلبها أو كنت خائفاً من القيام به . وقد يكون هذا الأمر في بساطة طلب زيادة فى المرتب ، أو في تعقيد العزف على الكمان .
بادر الشخص التالي لك فى صف المتجر بالحديث ، أو مارس رياضة تسلق الصخور ، أو اشترك فى فصول لتعلم الطهي على أيدي خبراء . افعل أي شيء من الممكن أن يساعدك على الخروج من منطقة الأمان الخاصة بك والابتعاد عنها . فكلما دفعت نفسك بعيداً بأفعال تتطلب شجاعة ، اكتشفت أكثر وأكثر أنك إنسان قادر . وسرعان ما ستدرك أن صورتك عن ذاتك ما هي إلا شيء من ابتكار خيالك .
التمرين الثانى
قبل أن تشرع في الاضطلاع بمشروعك الجديد ، أجر لنفسك تدريباً ذهنياً . تخيل نفسك وأنت تنفذ هذا المشروع بنجاح . على سبيل المثال ، إذا استقر رأيك على ممارسة لعبة الجولف ، فتخيل نفسك فى ملعب الجولف وأنت تسدد ضربة متأرجحة مثالية .
والآن تخيل أسوأ الفروض ، وهى أنك ستخفق فى ضرب الكرة ، وستقع وتتكوم على الأرض . وتخيل أنك تساعد نفسك على الوقوف ، وتضحك ملء شدقيك ، وتواصل اللعب وتنبأ بالتعامل مع أي خطأ محرج بلباقة ودعابة .
وبمجرد أن تعتاد على النظر إلى الخوف والفشل لا كمعيقات ولكن كأجزاء ضرورية في الحياة الناجحة ، ستصبح أكثر تقبلاً لأن تضع نفسك فى قلب الحدث . ستشرع في النظر إلى الخوف والتوتر كفرص لكي تثبت لنفسك أنك لاتقل كفاءة وقدرة عن الأشخاص الذين كنت تعجب بهم .
افعل شيئاً يروق لك
عادة ما يكون انعدام الهدف فى الحياة مسئولاً عن مشاعر التوتر واحترام الذات المتدني . وإيجاد مغزى أعظم لحياتك من شأنه بناء احترامك لذاتك والحد من أسباب قلقك بأساليب لا حصر لها . فالاشخاص الذين يشعرون بأن لحياتهم وجهة ومغزى يميلون للشعور بالسعادة ، والرضا والإشباع بشكل أكبر .
التمرين الأول
كرس ساعة واحدة على الأقل في الأسابيع القليلة القادمة لكي تختلي وتسأل نفسك بعض الأسئلة المهمة :
- ما الذي أود أن أحققه في حياتي ؟ فى نهاية حياتي ، ما الذي أود أن أسترجعه بفخر ورضا ؟
- ما أكثر شيء أقدره في حياتي ، عائلتى ، أم عملي ، أم الأشياء المادية ، أم الصداقة ، أم الجانب الروحاني ؟
التمرين الثانى
والآن وقد تدبرت في الأشياء التي تحوز أهمية قصوى لديك ، والأشياء التي من الممكن أن تشعرك بالإشباع ، دون بنداً واحداً يمكنك أن تسعى وراءه في الأسابيع المقبلة .
إذا كان حلمك ، على سبيل المثال ، الانضمام إلى فرقة من فرق الروك آند رول ، بيد أنه لديك عائلة وأطفال ، فانضم إلى صفوف العزف على الجيتار . لدي عميل انضم إلى مدرسة موسيقى محلية ، وبعد سنوات عديدة من الدروس صار من الكفاءة بما أهله للانضمام إلى فرقة محلية . وهو يعمل فى الصباح كمصرفي استثمار في شارع المال ، وفي العطلات الأسبوعية تجده يعزف مع فرقة الروك الخاصة به بالنوادى المحلية .
التمرين الثالث
وبعد ذلك حدد تاريخياً للبدء في السعي وراء هدفك ولا تدع الفرصة لأي أعذار أو تبريرات تعترض طريق بدايتك . وربما شرعت في السعي وراء تحقيق هدف ما لتجد أنه ليس مرادك على كل حال . حال . لا تصب بالإحباط راجع خططك وابدأ من جديد .
أقم صداقات وعلاقات عائلية وتعدها بالرعاية
كثير منا ينغمسون فى حياتهم اليومية – سواء في العمل ، أو تربية الأطفال ، أو رعاية المنزل – لدرجة أننا نغفل أحد أقوى العوامل التي تساعد على بناء احترام الذات : علاقتنا بالإصدقاء والعائلة . فهولاء هم الأشخاص الذين يبنون احترام الذات لدينا بإضفائهم شعوراً بالانتماء علينا ، ويمثلون لنا أداة كبح واقعية عندما نقسو على أنفسنا .
وكما يقول سام هورن في كتابه Concrete Confidence : ” يعتقد الكثير من الناس أن الاجتماع بالأصدقاء هو شيء لاينبغى القيام به سوى بعد الوفاء بكافة الالتزامات الأخرى …….
ولكن عندما تكرس وقتاً لإثراء ذاتك بصحبة أصدقائك ، ستحب نفسك أكثر وأكثر ، وهذا هو جوهر الثقة ” .
التمرين الأول
اتصل بشخص عزيز عليك على الأقل مرة واحدة أسبوعياً لمجرد أن تطمئن عليه . وإذا كانوا يقنطون نفس المنطقة التى تعيش فيها ، فواعدهم والتق بهم لساعة . ولا تعتمد على البريد الإلكتروني ولا آلة الرد على المكالمات لكي تبقى على اتصال بهم .
التمرين الثاني
اخرج والتق بأناس جدد . انضم إلى صف مسائي ، أو انضم إلى مجموعة من هواة التسلق ، أو اشترك في مشروع تطوعي . وإذا كنت تشعر بالخجل ، فانظر للآمر كلعبة لكي تكتشف كم أنت شجاع .
بينما تمارس التمارين التي يشتمل عليها هذا الفصل وتعزز من احترامك لذاتك ، ستبدأ فى الشعور بالفخر بنفسك ، وسيتقلص شعورك بالتوتر . إن الحاجة الملحة للانهماك فى أنشطة مقلصة للتوتر ستخف حدتها وعادات السعي وراء الكمال والتهرب التي تتسبب في تأخرك لن تكون بنفس الإلحاح .
إن زيادة قدر احترام الذات والتخفيف من التوتر هي مهارات في مقدور أي شخص تعلمها . ومن خلال ممارسة المسئولية والتحلي بالأخلاق ، وتبديد المخاوف ، وممارسة تقبل الذات ، والتواصل مع من هم حولك ، ستزيد تدريجياً من قوة هذا المصدر المهم .
استعراض
- يعد الاحترام المتدني للذات ، والقلق ، والاكتئاب ، والسعي وراء الكمال من العوامل المفضية إلى التأخر المزمن .
- ابدا بتوقع المزيد من نفسك , افعل الصواب حتى و ان شق عليك هذا .
- قلص من توترك بواسطة استبدال حديث النفس السلبى بالثناء و الاطراء و التخلى عن فكرة المثالية .
- تحد نفسك بواسطة الخروج من منطقة الامان الخاصة بك و القيام باعمال تود ان تقوم بها بيد انك تخشاها .
- اقم علاقات حميمة مع الاصدقاء و افراد العائلة و تعدها بالرعاية .
* * *
انتهت بحمد الله مقالات مسار كيم التعليمى للانضباط الوظيفي
بقلم الدكتور / محمود الضابط – كلية التجارة جامعة عين شمس
– تابعنا على صفحة موسوعة كيم لتنمية المهارات وبناء القدرات
أو تواصل معنا ( مركز الخبرات الإدارية والمحاسبية / كيم ) على رقم جوال أو واتس أب : 00201005289720
====================
هذه المادة محمية بحقوق الملكية لمركز كيم للتدريب والإستشارات ولايحوز الاقتباس منها الا بعد اذن كتابي من المالك CAME CENTER
اعداد / حمدي حسن – نائب مدير التدريب بمركز كيم