المقالة الثانية : أخلاقيات العمل الوظيفى
العلاقة بين العاملين والإدارة
من الأمور المعلومة أن الثقة بين العاملين والإدارة لها علاقة مباشرة بزيادة إنتاجية العامل. فالموظف الذي يعلم أن إدارة المنظمة ستقدر مجهوداته على المدى القريب والبعيد فإنه يَتَفانى في عمله.
ولكن عندما يشعر الموظف بأن إدارة المؤسسة لا تََفِي بوعودها للعاملين فإن هذا يكون أمرا غير مُحفِّز له على تطوير العمل والإبداع وزيادة الكفاءة. لذلك فإن التزام المديرين بالصدق والأمانة والعدل والوفاء والرحمة مع العاملين يؤدي إلى ثقة العاملين في الإدارة وهو ما يؤدي إلى تحفيزهم على العمل ويوفر كثيرا من الوقت الضائع في الشائعات والشكوك والتفاوض.
قارن بين حالتين: حالة الإدارة الملتزمة بأخلاقيات العمل والإدارة غير الملتزمة بأخلاقيات العمل. في الحالة الأولى تجد أن وعود المديرين للعاملين مُصدَّقة بينما في الحالة الثانية تجد أن الوعود غير مُصدَّقة بل يكون الشك مُهيمناً على العلاقة بين العاملين والإدارة.
في الحالة الأولى تجد كثيرا من العاملين يستمر في العمل لسنوات عديدة طالما كان الدخل مقبولا بينما في الحالة الثانية تجد العاملين يبحثون عن بديل باستمرار حتى وإن كان الدخل مرتفعا. في الحالة الأولى تجد العامل سعيدا في عمله ولديه ولاء لهذه المنظمة المحترمة بينما في الحالة الثانية تجد العلاقة مبنية على المقابل السريع لأن المقابل بعيد المدى غير مضمون.
هذا الأمر يمتد تأثيره إلى العمالة التي قد تتقدم لوظائف بالمنظمة. فالمنظمة التي تتعامل بطريقة أخلاقية مع موظفيها تجتذب كفاءات سوق العمالة بينما المنظمة التي لا تُبالي بهذه الأمور تُنَفِر الكثير من تلك الكفاءات. تأثير ذلك على قدرات المنظمة غنيٌ عن التفصيل. كذلك فإن أسلوب تعامل المنظمة مع المتقدمين لوظائف يؤثر على الكفاءات التي تقبل التوظيف بها بل والتي تتقدم لها مستقبلا.
بعض المشاكل الاخلاقية :
التَسلُّق والاستهانة بالمرؤوسين
أنت مدير صغيرولك تطلعاتك في أن تصبح مديرا عظيما فتبدأ في مدح رؤسائك بما ليس فيهم وتثني على أفعالهم وتستشهد بأقوالهم وفي نفس الوقت تضغط على مرؤوسيك وتُكلفهم ما لايطيقون وتزدري أقوالهم.
من الناحية الأخلاقية انت شخص ينافق رؤساءه وأنت مدير لا يراعي مرؤوسيه
من الناحية الإدارية فإن هذا المدير يؤدي إلى إحباط المرؤوسين وفي حالة وجود فرصة فإن الكثير منهم سوف يلتحق بعمل آخر وخاصة ذوي الكفاءات منهم. هذا المدير لا يكون مخلصا في عمله بل هو مخلص في تملق رؤسائه وبالتالي يؤدي إلى ضعف مستوى الأداء. من مشاكل هذا المدير أنه يخدع رؤساءه بالتالي يتصورون أنه ناجح. المشكلة تتفاقم بانتقال عدوى هذا الشخص للآخرين خاصة من هم أصغر منه سنا.
عدم التعاون
أنت موظف أو مدير في مؤسسة كبيرة وأداؤك لعملك يتوقف عليه أداء الآخرين لعملهم ولذلك فهم دائما يطلبون منك تادية أعمال خاصة بالعمل لكي يتمكنوا هم من أداء عملهم. لكي تريح نفسك فإنك تتعامل معهم بطريقة غير مهذبة وتدعي أحيانا عدم قدرتك على تلبية طلبهم وتتظاهر أحيانا بأنك مُنشغل بأعمال كثيرة
من الناحية الأخلاقية أنت شخص غير متعاون وغير مخلص في عملك. طالما أنه لم يطلب منك شيء خارج نطاق عملك فإن دورك أن تؤديه في أحسن صورة. هل لو كنت تقوم بهذه الأعمال في عملك الخاص كنت تتعامل معهم بهذه الطريقة؟ إن كانت الإجابة لا فأنت غير مخلص في عملك. إخلاصك في عملك كموظف ينبغي أن يكون كإخلاصك فيما يخصك شخصيا أو يزيد. فأنت في تجارتك الخاصة قد تقنع بما حققته من مكاسب وتوفر بعض المجهود ولكنك كموظف أو أجير عليك ان تؤدي عملك في أحسن وجه
من الناحية الإدارية هذا التصرف يؤدي إلى تعطل الأعمال وإن لم يواجه من قبل الإدارة فإنه ينتشر ويصبح أسلوب تعامل عام. ينتج عن ذلك انعدام روح التعاون وهو ما يضعف أي فرصة جادة للتطوير أو لتحليل المشاكل ويجعل العمل حلبة للصراع. وبالطبع هذا كله ينعكس على اداء المؤسسة ونتائجها
الرشوة
أنت موظف أو مدير ولديك سلطة التعاقد مع موردين فتشترط عليهم مبلغا من المال مقابل تزكيتهم. أو مدير ويأتيك طلبات التعيين فتتقاضى من أحد المرشحين مبلغا من المال مقابل تعيينه. أو أنت موظف في مؤسسة خدمية تتعامل مع الجمهور فتتقاضى من طالبي الخدمة مالا مقابل تأدية الخدمة
من الناحية الأخلاقية هذه رشوة واستغلال للنفوذ وخيانة للامانة
من الناحية الإدارية أنت تختار من هم ليسوا أهلا للاختيار وتسيء لسمعة المؤسسة مما يجعل الموردين المتميزين يعزفون عن التعامل معها. أما في حالة التعامل مع الجمهور فأنت تجعل المؤسسة تفشل في وظيفتها الأساسية وهي تقديم خدمة جيدة ومراعاة العدل…..وهذا واضح.
الكذب على الموردين
أنت موظف أو مدير في مؤسسة ما وتتعامل مع الموردين وتُصور لهم أنك ستتعامل معهم كثيرا في المستقبل لكي تحصل منهم على أسعر منخفضة بينما أنت لا تنوي التعامل معهم كما تزعم
من الناحية الأخلاقية أنت شخص كذاب ومخادع. أو تقبل أن تكون مكان هذا المورد؟ ماذا كنت ستقول عندما تعلم بأنك خدعت؟ ألن تقول في نفسك أن هذا الموظف غير محترم وشخص سيء الخلق؟
من الناحية الإدارية أنت تجعل الشركة تفقد مصداقيتها أمام الموردين. العالم المتقدم يتجه نحو العلاقة طويلة الأمد مع الموردين والمبنية على الثقة والاحترام والتعاون وأنت مازلت تعيش في سياسة الحرب مع الموردين. تأكد أن الموردين سيتناقلوا أخبار خداع مؤسستك لهم ولن يكونوا على استعداد للتعاون معها وسيفضلون التعامل مع غيرها من المؤسسات المحترمة
الكذب على العملاء
يأتيك العميل فتقول له أن طلبه سوف يتم تلبيته في غضون أيام وأنت تعلم أنك لن تستطيع تلبية طلبه إلا بعد أسابيع. ثم يتصل بك بعد أيام فتُقسم له أن المنتج في مراحل التصنيع الأخيرة بينما أنت لم تبدأ في تصنيعه. ويأتيك عميل آخر فتُصور له أن مواصفات منتجك مناسبة لمتطلباته وأنت تعلم أنها تقل عن متطلباته
من الناحية الأخلاقية أنت شخص كذاب وغشاش في البيع. قد تقول لي: يا أخي هذا من لوازم تَروِيج البضاعة وهذا أمر معتاد. هل تريد مني أقول له إن بضاعتنا لا تصلح له أو أنه لا يمكننا تلبية طلبه في خلال أيام؟ إذن يتركنا ويذهب لغيرنا. أقول لك: إن لم يكن هذا غش في البيع فما هو الغش في البيع؟ هل عندما يخدعك البائع بهذه الطريقة تكون سعيدا وراضيا عن فعله أم تقول أين الامانة…الناس لا يوثق بهم…ذهبت الأخلاق.
من الناحية الإدارية أنت تؤثر سلبا على سمعة مؤسستك وسيكتشف العملاء خداعك بعد مرة واحدة من التعامل وسيخبرون غيرهم من العملاء. وعلى المدى البعيد يؤثر ذلك على مبيعاتك لأن العملاء سيبحثون عن غيرك
الهدايا
أنت مسئول في موقع ما تأتيك الهدايا من المتعاملين معك بسبب العمل ممن لهم مصالح لديك. هذه الهدايا منها الحقير ومنها الثمين. فيأتيك المرؤوس بآلة منزلية كهدية ويأتيك المورد بجهاز إلكتروني ويأتيك العميل بلوحة فنية ثمينة. وأنت لا تريد أن ترد لهم هدية وتعتبر هذا من قبيل المحبة
من الناحية الأخلاقية هذه الهدايا تأخذ صورة الرشوة لأنها تجعلك غير قادر على التعامل بالعدل مع من أهداك
من الناحية الإدارية أنت تُخل بميزان العدل في المؤسسة وتجعل المتعاملين معك لا يقومون بواجباتهم بل يحاولون إرضاءك بالهدايا فهذا هو الطريق المختصر للوصول غلى مصالحهم الشخصية
التقييم (التقويم)
أنت مدير ومن مسئولياتك تقييم المرؤوسين بصفة دورية مما يترتب عليه زيادة في أجورهم. عندما تقوم بالتقييم فإنك تعتمد على مشاعرك لحظة التقييم ولا تحاول تذكُّر ما فعله المرؤوس من اخطاء وإنجازات. وبالتالي قد تعطي مرؤوسا تقييما ضعيفا لخطأ صغير ارتكبه قبل التقييم مباشرة أو لأنه يناقش الأمور ويريد طرح الأفكار وقد تعطي ذلك الذي يمدحك بما أنت لست له أهل تقييما عاليا
من الناحية الأخلاقية هذا ظلم واضح فأنت مسئول عن هذا التقييم وتأثيره على المرؤوسين. المفترض أن يكون التقييم مبنيا على نتائج العمل خلال فترة التقييم كلها وأن يعتمد على الحقائق
من الناحية الإدارية أنت تُحبط المخلصين وتجعلهم يفقدون الحماس لأن التقييم غير عادل وغير جاد. وعلى الجانب الآخر أنت تشجع المنافقين وتتسبب في توليهم المناصب القيادية. كل هذا يؤدي إلى ضعف الأداء وعدم شعور المخلصين بوجود مستقبل وظيفي جيد لهم في هذه المؤسسة
ازدراء المرؤوسين
أنت مدير لمجموعة من المرؤوسين وتتعامل معهم بفظاظة وعدم احترام وقد تستخدم ألفاظا بذيئة. بالطبع أنت تعتبر هذا جزءا من التحفيز للعاملين
من الناحية الأخلاقية أنت لا حق لك في ازدراء المرؤوسين ولاحق لك في إهانتهم. هل ترضى ان يكون أسلوب تحفيزك ان يضربك مديرك على قفاك كلما أخطأت؟ أنت لست بأفضل منهم
من الناحية الإدارية أنت تتسبب في خوف العاملين ومحاولتهم إسكاتك بأي وسيلة بغض النظر عن صالح العمل. عندما يخطئ أحدهم فتحدث مشكلة فإن أحدا لن يصدقك القول فيما حدث وبالتالي يضيع الوقت في البحث عن السبب الذي هو معروف أصلا للمرؤوسين
كما ترى فإن الخلل الأخلاقي يؤدي إلى خلل إداري. وفي النهاية فنحن نعمل لنعيش ومن المهم ألا تقف أمام المرآة بعد أن يكبر سنك ثم تقول “كنت أتمنى ان أرى في المرآة شخصا أحترمه”
انتهت بحمد الله المقالة الثانية من مسار كيم التعليمى لأخلاقيات العمل
– تابعنا على صفحة موسوعة كيم لتنمية المهارات وبناء القدرات
أو تواصل معنا ( مركز الخبرات الإدارية والمحاسبية / كيم ) على رقم جوال أو واتس أب : 00201005289720
==============================
هذه المادة محمية بحقوق الملكية لمركز كيم للتدريب والإستشارات ولايحوز الاقتباس منها الا بعد اذن كتابي من المالك CAME CENTER
إعداد / حمدي حسن – نائب مدير التدريب بمركز كيم