سلسلة مقالات – الاتجاهات الحديثة للتدريب
بقلم د/ حسين الغراب
المقالة الخامسة
الاتجاه الثاني
التدريب الذاتي
التعليم الذاتي هو النشاط التعليمي الذي يتم عن طريق قيام المتعلمين بتعليم أنفسهم بأنفسهم عن طريق التعليم المبرمج ، أو أي مواد تعليمية أخرى لتحقيق أهداف واضحة دون تدخل المدرس .
ويقول حسن جامع ـ إن التعليم الذاتي هو الأسلوب الذي يمر به المتعلم على المواقف التعليمية المتنوعة بدافع من ذاته وتبعاً لميوله ليكتسب المعلومات والمهارات والاتجاهات مما يؤدي إلى انتقال محور الاهتمام من المعلم إلى المتعلم ، ذلك أن المتعلم هو الذي يقرر متى وأين يبدأ ومتى ينتهي وأي الوسائل والبدائل يختار ثم يصبح مسؤولاً عن تعلمه وعن النتائج والقرارات التي يتخذها .
إذا كان هذا الحال في التعليم الذاتي فإنه العملية التدريبية أكثر حاجه إلى مفهوم التدريب الذاتي[i] حيث أن أسلوب التعليم الذاتي يعتمد على الوسائل التي يسترشد بها المتعلم لتعليم نفسه بنفسه وتلك الوسائل والخطوات أكثر إمكانية في تعريف المتدرب بأساليب التدريب في مجال التدريب منها في مجال التعليم فالمتدرب يمكن أن يتدرب على التصميم والتشغيل والصيانة بواسطة مشاهدة الأقراص المدمجة ( CD – DVD ) و التدريب بواسطة الكمبيوتر (CBT) و(WBT) وأشرطة الفيديو والحقائب التدريبية والمحاكاة .
فهناك دراسة قام بها مكتب العمل الدولي في فيتنام عام 2001 أثبتت أن 70% من المتدربين على مهارات الحاسب الآلي تعلموا ذلك من خلال الأقراص المدمجة (CD) أو من خلال الإنترنت [ii]
لماذا التدريب الذاتي :
مبررات التدريب الذاتي .
تعد الفروق الفردية بين المتدربين من المشاكل التي تواجهها مؤسسات التعليم والتدريب . والفروق الفردية بين المتدربين إما أن تكون حقائق بيولوجية موروثة تؤدي إلى الاختلاف في مستوى الذكاء والاستعداد وإما أن تكون نتيجة التفاوت في الإمكانات والفرص التي أتيحت للأفراد لتنمية مداركهم واستعداداتهم الذهنية .
ويمكن الكشف عن مجود تلك الفروق بين المتدربين بإجراء بعض الاختبارات المقننة
إن هذه الاختبارات وغيرها تكشف مدى الاستعداد لدى المتدرب من عدمه كما تصنف المتدربين حسب استعداداتهم الذهنية والمعرفية وقد يلجأ المدرب بعد هذا التصنيف إلى تصميم برنامجه التدريبي على شكل تدريب ذاتي يمكن كل متدرب أن يزاول مهامه التدريبية وفق استعداداته وقدراته .
مجالات التدريب الذاتي :
للتدريب الذاتي مجالات متعددة تعتمد على طبيعة التدريب إن كان قبل الخدمة أو أثناء الخدمة وكذلك على الإمكانات المادية والعلمية المتوافرة لدى المؤسسة ومن المجالات التي يتم فيها التدريب الذاتي ما يلي :
أ)- عندما يتم التدريب الجماعي ويتضح تخلف بعض المتدربين عن السير ، يعطى المتدرب المتخلف عن زملائه جرعات تدريبية أخرى يمكن أن يقوم بها بنفسه على سبيل المثال إعطاؤه قراءات إضافية أو مهام تدريبية إضافية مثل كتابة الكلمات عدة مرات أو أداء مهارة معينة عدة مرات حتى يتقنها أو تعريضه لحالات دراسية إضافية ومطالبته بمعالجة تلك الحالات والمواقف والاطلاع على نتائج العلاج ومقارنتها مع حلوله الخاصة وهكذا.
ب)- برمجة التدريب بأسلوب (( سكنر)) أو (( كراودر)) التي تعتمد على تقسيم الوحدات التدريبية إلى وحدات منتظمة يمارسها المترب وفق قدراته الخاصة .
ج)- الواجبات والمهام التدريبية الإضافية التي تعطى للمتدرب التحكم في مستوى الإتقان .
مقومات نجاح التدريب الذاتي :
لنجاح برامج التدريب الذاتي يجب اتباع أسلوب النظم في تصميم البرامج .
أ- تحديد الأهداف العامة أو الغايات التي تسعى لها المؤسسة التدريبية .
ب- تحديد الاحتياجات التدريبية وتحليل الوضع الراهن للجوانب المراد التدريب عليها.
ت- صياغة الأهداف التدريبية التي يمكن من خلالها قياس المكتسبات الذهنية والمهارية .
ث- تحديد قدرة المتدرب على القيام بتدريب نفسه بنفسه من خلال التدريب الذاتي وتصميم برنامج لكل متدرب حسب قدراته الخاصة .
ج-اختيار الوسائل والأدوات المطبوعة وغير المطبوعة التي يستخدمها المتدرب في برنامج التدريب الذاتي .
ح- اختيار الأسلوب الإشرافي المناسب لعملية التدريب الذاتي .
خ- تصميم استمارة قياس إتقان المعرفة أو المهارة الناجم عن برنامج التدريب الذاتي .
كما أن التدريب الذاتي يتطلب تهيئة البيئة التدريبية بحيث يستطيع المتدرب تحديد مواطن الخطأ في عملية التدريب التي يقوم بها ذاتياً وتعديل أو تحسين عملية التدريب والقيام بعملية التقويم الذاتي عن طريق التغذية الراجعة أو عن طريق مقارنة عمله بنتائج نموذجية مشاهدة إذا كان التدريب مسجلاً على أشرطة الفيديو .
إن التدريب الذاتي باستخدام الوسائل التدريبية المتاحة هي عملية تدريب حقيقية ذات مردود تعليمي جيد تؤدي إلى انتقال الأثر التدريبي بسرعة وبصورة سليمة . وفي دراسة مارسها هاريسون حول التدريب بواسطة التعليم الذاتي لتنمية الكفاءات التدريبية باستخدام الوحدات النسقية Modular وكذلك ورش العمل توصل إلى أهمية وفعالية التعليم الذاتي في تنمية الكفاءات التدريسية المختلفة .
الاتجاه الثالث :
الفرد هو المسئول عن تنمية مهاراته ( التدريب المركز على المتعلم باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ) [iii]
تقع مسئولية التعلم على عاتق الفرد ، فقد اصبح الفرد هو المهندس والبناء المسئول عن تنمية مهاراته الخاصة نظراً إلى تزايد حجم المعلومات المتاحة بوتيرة لم يسبق لها مثيل ، وأصبحت مسئولية اختيار المعلومات واستخدامها وتحويلها من أجل خلق المعارف تقع أكثر فأكثر على عاتق الفرد .
ويتوقع من الفرد أن ينظم تعلمه بذاته ، وبدلاً من أن يكون الفرد متلقياً سلبياً للمعلومات لابد له من أن يشارك على نحو نشط ومتفاعل في عملية التعلم ، فيقوم بتحديد المحتوى والوقت اللازم والسرعة المطلوبة للتعلم فالمتعلم أصبح اليوم هو المنتج والمستخدم في نفس الوقت للمعلومات التي قام بتصنيعها واستخدامها .
ولم يعد يتوقع من المعلمين والمدربين أن يعطوا تعليمات ويلقنوا معلومات بل أصبحوا بدلاً من ذلك وسطاء ومربين ومدربين يزيلون العقبات من طريق اكتساب المتعلم للمعارف .
وهكذا بات اكتساب القدرة على التعلم وخلق المعارف مهارات أساسية تدرس في المدرسة وتستخدم في مكان العمل ، ونظراً إلى أن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات باتت متاحة لجمهور يتزايد عدده بسرعة فقد أصبحت مستخدمة أكثر فأكثر من أجل هذه الاستراتيجيات المركزة على المتعلم والواقع أن عدداً كبيراً من العمال المهرة – الذين يعمل معظمهم حتى الآن في مهم مرتبطة بتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات – يعلمون أنفسهم أو يجمعون بين التدريب الرسمي والتعلم الذاتي ، في جميع البلدان والاختصاصات المهنية .
الاتجاه الرابع :
تأثير الاهتمام بمفهوم تطوير الأداء و الوصول لقمة الأداء
Peak Performance
على مداخل تصميم التدريب
فى الفترة الأخيرة زاد الاهتمام بمفهوم تنمية الأداء وهدف الوصول إلى قمة الأداء Peak Performance ففى دراسة أعدتها منظمة ASTD عام 2000 م عن مستقبل التدريب [iv] تم تعريف الأداء على انه تحقيق أهداف العمل المرتبطة بالتعلم والإنتاجية و تحقيق النتائج . وفى تلك الدراسة تم توضيح ان هدف التدريب الاساسى هو الوصول بالمتدرب إلى قمة الأداء في وظيفته أو عمله .
وان هدف التعلم والتدريب هو الوصول إلى قمة الأداء performance peak [v] وبما ان الوصول لقمة الأداء هو الهدف بالتالي الأداء هو مقياس نجاح التعلم والتدريب .اى ان التعلم والتدريب ما هو الا وسيلة اوأداة لتنمية الأداء.
وكنتجة لعدم وضوح اثر التدريب بصورة مباشرة على أداء المتدرب والنتائج الغير مرضية التي تحققها البرامج التدريبية الان ادى ذلك كله الى إعادة النظرة فى أهداف التدريب ومداخل تصميم وتنفيذ التدريب ،فظهرت مداخل جديدة للتدريب تعالج تلك العيوب و تركز على مفهوم الوصول لقمة الأداء الوظيفى للمتدرب .
وفيما يلى نعرض لمدخلين جديدان هامان للتدريب مبنيان على مفهوم الوصول الى قمة الاداء وهما كالاتى
المدخل الأول : ” التدريب الموجه بالأداء “
إن الغرض الرئيسي للتدريب هو التنمية والتطوير هو تحقيق كفاءة المؤسسة وفعاليتها وتجويد السلع أو الخدمات التى تقدمها للمجتمع وجعل الموظفين أكثر إنتاجية كما أنهما أساسيان للمنظمات التى تسعى لتطوير نفسها مع متطلبات العصر .
ويتميز التدريب الموجه بالأداء بالتركيز على الإنتاجية ومعرفة مدى تأثيره على أداء العاملين من حيث تزويدهم بمهارات وقدرات جديدة لتحقيق جودة الأداء ولذلك فإنه يتجاوز مفهوم التدريب التقليدي .
ويتميز التدريب الموجه بالأداء بخصائص عديدة جعلت منه نموذجاً تدريبياً يتماشى مع المتطلبات المستقبلية كونه يربط التدريب بحاجات الأداء ومتطلبات العمل وطموحاته المنظمة ، فالتدريب المنسوب إلى معايير الأداء وبيئة العمل هو التدريب الذى يصمم وينفذ ويُقيم وفقاً للاحتياجات المطلوبة وتوضع له معايير لقياس مدى تحقيقه لأهدافه فى رفع كفاءة العاملين وتحسين إنتاجيتهم ، الأمر الذى يسهم فى تحقيق أهداف التنظيم ورسالته وتطلعاته ، وفى ظل هذه الرؤية للتدريب تبرز المعادلة التالية :
الأداء المطلوب لتحقيق الأهداف ( الأداء المرغوب أو المعياري للحاضر وللمستقبل ) – الأداء الحالي أو الفعلي = فجوة الأداء ( الحاجة إلى التدريب والتنمية )
|
حيث :
تشير PG إلى Performance Gap فجوة الأداء
وتشير T&DN إلى ( Training & Development Need ) الاحتياجات التدريبية
وتشير SP إلى Standard or Desired Performance معايير الأداء المطلوب
وتشير CP إلى Current or Actual Performance الأداء الحالي
أما مكونات فجوة الأداء PG فيرمز لها بالرمز ( م3)
م3 =معارف + مهارات + مسلك
ونحن جميعا لدينا تلك الفجوة فى الأداء وتلك الفجوة مستمرة [vi] ودائمة .
إن التدريب الموجه بالأداء يحاول تحديد هذه التوقعات والتعامل معها لزيادة الفعالية المحتملة أو الكامنة للبرامج المتعلقة بالتدريب , ويقوم التدريب الموجه بالأداء بشكل رئيسي على تزويد المتدربين بالمعلومات والمهارات والاتجاهات التى تساعدهم على أداء واجبات ومهام الوظائف التى يشغلونها بكفاءة وفاعلية ، ويهتم بالنتائج المرجوة من التدريب ويتفق مع احتياجات العمل فى المؤسسات وينجح من خلال التعاون والمشاركة الفعالة والإيجابية بين المسئولين عن التدريب والمدربين من جهة والمسئولين عن العمل من جهة أخرى ، من خلال التعاون بين الطرفين فى تحليل الأداء الوظيفي والمؤسسي والتعرف على الفجوات أو الانحرافات بين ما يجب أن يكون من أداء وبين ما هو كائن فعلاً ، وتحديد مواطن القوة والضعف ، ومعرفة الأسباب التى أدت إلى هذه الانحرافات من خلال استخدام مؤشرات واضحة وسهلة لقياس الأداء ثم العمل على تحديد الاحتياجات التدريبية اعتماداً على الانحرافات والمتطلبات فى الأداء .
مفهوم الأداء والأداء الوظيفي :
يشير المعنى اللغوي للفعل ” أدى ” إلى معنى المشي مشياً ليس بالسريع ولا البطيء وأدى الشيء قام به ، ويقال أدى فلان الدين بمعنى قضاه ، وأدى فلان الصلاة أي قام بها لوقتها وأدى الشهادة أي أدلى بها ، وأدى إليه الشيء أوصله إليه ( المكتبة الإسلامية 1998) وهكذا يتضح بأن المعنى الدقيق في اللغة العربية لكلمة أداء هو قضاء الشيء أو القيام به .
أما بالمعنى الاصطلاحي فيُعرف الأداء بأنه قيام الشخص بالأعمال والواجبات المكلف بها للتأكد من صلاحيتهم لمباشرة مهام وأعباء وظائفهم (هاشم 1989 :191) فهو عبارة عن سلوك عملي يؤديه فرد أو مجموعة من الأفراد أو مؤسسة يتمثل في أعمال وتصرفات وحركات مقصودة من أجل عمل معين لتحقيق هدف محدد أو مرسوم .
ويرى Langdon(2000:12) أن اصطلاح الأداء مأخوذ من حقل المالية ويعني ” تقديم نموذج محكم ” بمعنى إنجاز العمل وفقاً لأسس وقواعد ومعايير محددة ويشير روبنسون وربنسون (1998:15،20) إلى أن هناك ثلاثة مستويات للأداء الوظيفي .
وتعرف منظمة الASTD الأداء : الأداء هو تحقيق أهداف العمل المرتبطة بالتعلم والإنتاجية و تحقيق النتائج
وفيما يلي نموذج يوضح مراحل وخطوات مدخل التدريب الادارى الموجه بالأداء وكيفية تطبيقه على خمسة مراحل كالاتى :
[i] الإدارة العامة للتعليم بمنطقة الباحة ، السعودية ، التدريب الذاتي ، http://bahaedu.gov.sa
[ii] مؤتمر العمل الدولي الدورة (91) ، مرجع سبق ذكره ، ص 9 .
[iii] مؤتمر العمل الدولي الدورة (91) ، مرجع سبق ذكره ، ص 35
[vi] – H. Wayme hodgins . OPICT,
***
انتهت بحمد الله المقالة الخامسة لمسار كيم التعليمي للاتجاهات الحديثة للتدريب
بقلم د/ حسين الغراب- رئيس مجلس إدارة مركز كيم
– تابعنا على صفحة موسوعة كيم لتنمية المهارات وبناء القدرات
أو تواصل معنا ( مركز الخبرات الإدارية والمحاسبية / كيم ) على رقم جوال أو واتس أب : 00201005289720
====================
هذه المادة محمية بحقوق الملكية لمركز كيم للتدريب والإستشارات ولايحوز الاقتباس منها الا بعد اذن كتابي من المالك CAME CENTER
اعداد / حمدي حسن – نائب مدير التدريب بمركز كيم