سلسلة مقالات – الاتجاهات الحديثة في المراجعة
بقلم أ. د/ مدحت كمال
المقالة الثانية
دعم الحوكمة في الجهاز المصرفي
نظرا للدور الحيوي الذي تقوم به البنوك في أي اقتصاد ، فإن تطبيق مبادئ الحوكمة في الجهاز المصرفي يعد أمرا في غاية الأهمية لضمان سلامة الجهاز المصرفي وتحقيق الكفاءة في الأداء ، ولدعم دوره في خدمة الاقتصاد القومي 0
هذا ويرى بعض الخبراء أن الحوكمة من المنظور المصرفي تعنى تطوير الهياكل الداخلية للبنوك بما يؤدى إلى تحقيق الشفافية في الأداء وتطوير مستوى الإدارة 0 ووفقا للجنة بازل فإنها ترى أن الحوكمة من المنظور المصرفي تتضمن الطريقة التي تدار بها المؤسسات المصرفية بواسطة مجالس إدارتها والإدارة العليا والتي من شأنها أن تؤثر في كيفية قيام المؤسسة بما يلي :
ـ وضع أهداف المؤسسة (بما فيها تحقيق عوائد اقتصادية للملاك) 0
ـ إدارة العمليات اليومية للمؤسسة 0
ـ مراعاة مصالح ذوى الشأن المتعاملين مع المؤسسة بما فيهم الموظفين والعملاء والمساهمين وغيرهم 0
ـ إدارة أنشطة المؤسسة وتعاملاتها بطريقة آمنة وسليمة ووفقا للقوانين السارية وبما يحمى مصالح المودعين 0
من ناحية أخرى أشار الخبراء إلى أهمية تنوع الخبرات في مجالس إدارات البنوك وتحديد المسئوليات لتقليل أي توجهات للفساد وذلك على اعتبار أن الحوكمة تعنى الضغط على الفساد بكل الطرق ، مع التأكيد على أهمية دور حملة الأسهم في مسألة الرقابة لأنهم يمثلون الكيان صاحب المصلحة الأساسية في أي مؤسسة مالية 0 كذلك فإن الحوكمة تعنى النظام أي أن تكون هناك علاقات تحكم الأطراف الأساسية بما يؤدى إلى النجاح 0
هذا وقد سجلت التجربة العملية في مجال الرقابة والإشراف ضرورة توافر مستويات ملائمة من المراجعة والفحص داخل كل بنك ، ويؤدى التطبيق السليم لمبادئ الحوكمة إلى جعل عمل المراقبين أكثر سهولة ، حيث يساهم في دعم التعاون المشترك بين إدارة البنك ومراقبي البنك ، وتدرك لجنة بازل أن تحقيق الرقابة المصرفية بشكل فعال لن يتم إلا في وجود تطبيق سليم للحكومة داخل الجهاز المصرفي 0
من ناحية أخرى ، وفقا للجنة بازل فهناك أربعة أشكال هامة من الرقابة يجب أن يتضمنها الهيكل التنظيمي لأي بنك وذلك لضمان التطبيق السليم لمبادئ الحوكمة وهى :
1 ـ الرقابة من خلال مجلس الإدارة أو المجلس الإشرافي 0
2 ـ الرقابة من خلال أشخاص ليس لهم صلة بالعمل اليومي في مجالات العمل المختلفة0
3 ـ رقابة مباشرة على مجالات العمل المختلفة بالبنك 0
4 ـ وظائف مستقلة لإدارة المخاطر والمراجعة 0
وإدراكا من لجنة بازل لأهمية التطبيق السليم للحوكمة في الجهاز المصرفي فقد أصدرت العديد من الأوراق حول موضوعات محددة تم التأكيد فيها على أهمية الحوكمة 0 وقد أشارت هذه الأوراق إلى بعض الاستراتيجيات والتقنيات اللازمة لتطبيق الحوكمة بصورة سليمة داخل الجهاز المصرفي ، نذكر منها :
ـ توافر دليل عمل ومعايير للسلوك الملائم ، ونظام لقياس مدى الالتزام بهذه المعايير0
ـ توافر إستراتيجية واضحة للمؤسسة، يتم على ضوئها قياس نجاحا المنشأة ككل، ومدى مساهمة الأفراد في هذا النجاح 0
ـ التوزيع السليم للمسئوليات ومراكز اتخاذ القرار، متضمنا نظام هرمي لسلطات الاعتماد المتدرجة بداية من الأفراد وحتى مجلس الإدارة 0
ـ وضع آلية للتعاون والتفاعل بين مجلس الإدارة والإدارة العليا ومراجعي الحسابات0
ـ توافر نظم قوية للرقابة الداخلية، تتضمن وظائف المراجعة الداخلية والخارجية، ووظائف إدارة المخاطر 0
ـ رقابة خاصة لمراكز المخاطر في المواقع التي يتصاعد فيها احتمال تضارب المصالح ، بما في ذلك علاقات العمل مع المقترضين المرتبطين بالبنك وكبار المساهمين والإدارة العليا و متخذي القرارات الرئيسية في المؤسسة 0
ـ الحوافز المالية والإدارية للإدارة العليا والتي تحقق العمل بطريقة ملائمة ، وأيضا بالنسبة للموظفين سواء كانت في شكل مكافآت أو ترقيات أو أي شكل آخر 0
ـ تدفق مناسب للمعلومات سواء إلى داخل البنك أو خارجه 0
العناصر الأساسية لدعم التطبيق السليم للحوكمة داخل الجهاز المصرفي
وقد أشارت هذه الأوراق إلى أن هناك مجموعة من العناصر الأساسية التي يجب توافرها لدعم التطبيق السليم للحوكمة داخل الجهاز المصرفي نستعرضها فيما يلي :
1 ـ وضع أهداف إستراتيجية ومجموعة القيم والمبادئ التي تكون معلومة لكل العاملين في المؤسسة المصرفية
ـ يصعب إدارة الأنشطة المتعلقة بأي مؤسسة مصرفية بدون تواجد أهداف إستراتيجية أو مبادئ للإدارة يمكن الاسترشاد بها ، لذا فإنه على مجلس الإدارة أن يضع الاستراتيجيات التي تمكنه من توجيه وإدارة أنشطة البنك ، كما يجب عليه أيضا تطوير المبادئ التي تدار بها المؤسسة سواء تلك التي تتعلق بالمجلس نفسه أو بالإدارة العليا أو بباقي الموظفين ، و يجب أن تؤكد هذه المبادئ على أهمية المناقشة الصريحة والآنية للمشاكل التي تعترض المؤسسة ، وعلى وجه الخصوص يجب أن تتمكن هذه المبادئ من منع الفساد والرشوة في الأنشطة التي تتعلق بالمؤسسة سواء بالنسبة للمعاملات الداخلية أو الصفقات الخارجية 0
ـ يجب أن يضمن مجلس الإدارة قيام الإدارة العليا بتنفيذ سياسات من شأنها منع أو تقييد الممارسات والعلاقات التي تضعف من كفاءة تطبيق الحوكمة مثل :
* منح معاملة تفضيلية لبعض الأطراف التي لها مكانة خاصة لدى البنك كمنح قروض بشروط مميزة، أو تغطية الخسائر المرتبطة بالمعاملات، أو التنازل عن العمولة0
* إقراض الموظفين وغير ذلك من أشكال التعامل الداخلي دون مراعاة للشروط الواجب توافرها عند منح القروض (فمثلا يجب أن يتم منح الإقراض الداخلي للعاملين بالمؤسسة وفقا لشروط السوق ، وأن يقتصر على أنواع محددة من القروض، مع تقديم تقارير خاصة بعملية الإقراض لمجلس الإدارة على أن يتم مراجعتها من جانب المراجعين الداخليين والخارجيين)0
2 ـ وضع وتنفيذ سياسات واضحة للمسئولية في المؤسسة
يجب على مجلس الإدارة الكفء أن يحدد السلطات والمسئوليات الأساسية للمجلس وكذلك للإدارة العليا0 وتعد الإدارة العليا مسئولة عن تحديد المسئوليات المختلفة للموظفين وفقا لتدرجهم الوظيفي مع الأخذ في الاعتبار أنهم في النهاية مسئولون جميعا أمام مجلس الإدارة عن أداء البنك0
3 ـ ضمان كفاءة أعضاء مجلس الإدارة وإدراكهم للدور المنوط بهم في عملية الحوكمة ، وعدم خضوعهم لأي تأثيرات سواء خارجية أو داخلية
ـ يعتبر مجلس الإدارة مسئول مسئولية مطلقة عن عمليات البنك وعن المتانة المالية للبنك ، لذا يجب أن يتوافر لدى مجلس الإدارة معلومات لحظية كافية تمكنه من الحكم على أداء الإدارة ، حتى يحدد أوجه القصور وبالتالي يتمكن من اتخاذ إجراءات تصحيح مناسبة 0
ـ كذلك يجب أن يتمتع عدد كاف من أعضاء المجلس بالقدرة على إصدار الأحكام بصفة مستقلة عن رؤية الإدارة وكبار المساهمين أو حتى الحكومة 0 ويمكن تدعيم الاستقلالية والموضوعية من خلال الاستعانة بأعضاء غير تنفيذيين أو مجلس مراقبين أو مجلس مراجعين بخلاف مجلس الإدارة 0
ـ يمكن لهؤلاء الأعضاء الاستفادة من تجارب المؤسسات الأخرى في الإدارة والتي من شأنها تطوير استراتيجيات الإدارة في المؤسسة 0
ـ يمكن لمجلس الإدارة دعم الحوكمة داخل البنك من خلال ما يلي :
* إدراك دورهم الأساسي في الرقابة ، وواجبهم بالولاء للبنك وحملة الأسهم 0
* استخدام السلطة المخولة لهم في طرح الأسئلة على المديرين مع إصرارهم على الحصول على إجابات مباشرة0
* التوصية بتطبيق السياسات السليمة التي تنجم عن تحليل تجارب المواقف السابقة 0
* تجنب تضارب المصالح والالتزامات الناجم عن أنشطتهم في مؤسسات أخرى، وتلك القائمة في البنك 0
* الاجتماع بالإدارة العليا والمراجعين الداخليين بصفة منتظمة لوضع والتصديق على السياسات ومتابعة ما تم تحقيقه من أهداف المؤسسة0
* عدم الانخراط في الأعمال اليومية للبنك 0
في بعض الدول يفضل مجلس الإدارة في البنك تأسيس بعض اللجان المتخصصـة مـثل :
ـ لجنة إدارة المخاطر : والتي تتولى الإشراف على أنشطة الإدارة العليا فيما يتعلق بإدارة المخاطر المتعلقة بالائتمان والسوق والسيولة وغير ذلك من أنواع المخاطر المختلفة0 ويتطلب ذلك أن تتلقى اللجنة بصفة دورية معلومات من الإدارة العليا عن أنشطة إدارة المخاطر0
ـ لجنة المراجعـــة : تتولى الإشراف على مراقبي البنك سواء من الداخل أو الخارج، حيث تكون لها سلطة الموافقة على تعيينهم أو الاستغناء عنهم ، والموافقة على نطاق المراجعة ودوريتها، وكذلك استلام التقارير المرفوعة منهم، وأيضا التحقق من أن إدارة البنك تقوم باتخاذ إجراءات تصحيحية ملائمة في حينها لمواجهة ضعف الرقابة، والإخلال بتطبيق السياسات والقوانين واللوائح وغيرها من المشكلات التي يحددها المراقبون0 ولتعزيز استقلالية هذه اللجنة، ينبغي أن تتضمن أعضاء من خارج البنك على أن تكون لهم خبرة مصرفية أو مالية0
ـ لجنــة المكافــآت : تتولى الإشراف على مكافآت الإدارة العليا والمستويات الإدارية الأخرى، وضمان أن تتفق هذه المكافآت مع أنظمة البنك وأهدافه وإستراتيجيته والبيئة المحيطة0
ـ لجنــة الترشيــح: تقوم بترشيح أعضاء مجلس الإدارة، وتوجه عملية استبدال أعضاء المجلس0
4 ـ ضمان توافر مراقبة ملائمة بواسطة الإدارة العليا
تعد الإدارة العليا عنصرا أساسيا في الحوكمة ، ففي حين يمارس مجلس الإدارة دوراً رقابياً تجاه أعضاء الإدارة العليا ، فإنه يجب على مديري الإدارة العليا ممارسة دورهم في الرقابة على المديرين التنفيذيين المتواجدين في كافة أرجاء البنك0 وتتكون الإدارة العليا من مجموعة أساسية من مسئولي البنك وهذه المجموعة يجب أن تتضمن أفرادا مثل مدير الشئون المالية ورؤساء الأقسام ومدير المراجعة0
وهناك عدد من الأمور التي يجب أن تأخذها الإدارة العليا في الاعتبار مثل :
ـ عدم التدخل بصورة مفرطة في القرارات التي يتخذها المديرون التنفيذيون0
ـ عدم تحديد أحد مديري الإدارة العليا لتولى المسئولية في مجال معين بدون توافر المهارات أو المعرفة اللازمة لذلك 0
ـ ممارسة أساليب الرقابة على شاغلي بعض الوظائف المتميزين دون خوف من تركهم البنك0
5 ـ الاستفادة الفعلية من العمل الذي يقوم به المراجعون الداخلون والخارجون في إدراك أهمية الوظيفة الرقابية التي يقومون بها
يعد الدور الذي يلعبه المراجعون دورا حيويا بالنسبة لعملية الحوكمة 0 لذا يجب على مجلس الإدارة والإدارة العليا إدراك أهمية عملية المراجعة والعمل على نشر الوعي بهذه الأهمية لدى كافة العاملين بالبنك، واتخاذ الإجراءات اللازمة لدعم استقلالية ومكانة المراجعين وذلك برفع تقاريرهم مباشرة إلى مجلس الإدارة أو لجنة المراجعة التابعة له، والاستفادة بفعالية من النتائج التي توصل إليها المراجعون، مع العمل على معالجة المشاكل التي يحددها المراجعون، كذلك الاستفادة من عمل المراجعين في إجراء مراجعة مستقلة على المعلومات التي يتلقونها من الإدارة حول أنشطة البنك وأدائه0
6ـ ضمان توافق نظم الحوافز مع أنظمة البنك وأهدافه وإستراتيجيته والبيئة المحيطة
يجب أن يصدق مجلس الإدارة على المكافآت الخاصة بأعضاء الإدارة العليا وغيرهم من الشخصيات المسئولة، وضمان أن تتناسب هذه المكافآت مع أنظمة البنك وأهدافه وإستراتيجيته والبيئة المحيطة، وبما يحفز مديري الإدارة العليا وغيرهم من الشخصيات المسئولة على بذل أقصى جهدهم لصالح البنك، كما يجب أن توضع نظم الأجور في نطاق السياسة العامة للبنك بحيث لا تعتمد على أداء البنك في الأجل القصير وذلك لتجنب ربط الحوافز بحجم المخاطر التي يتحملها البنك0
7 ـ مراعاة الشفافية عند تطبيق الحوكمة
لا يمكن تقييم أداء مجلس الإدارة والإدارة العليا بدقة في حالة نقص الشفافية ويحدث ذلك عندما لا يتمكن أصحاب المصالح والمتعاملين في السوق وعامة الناس من الحصول على المعلومات الكافية عن هيكل وأهداف البنك ، بحيث يتمكن المشاركون في السوق من تقييم سلامة تعاملاتهم مع البنوك حيث يصبحون قادرين على معرفة وفهم أوضاع كفاية رأس المال في البنوك في الأوقات المناسبة، وبالتالي سيتوجه المتعاملون إلى البنوك التي تطبق الممارسات السليمة للحكومة والتي لديها الكفاية المالية اللازمة ، بينما سينصرفون عن تلك البنوك التي تقوم بمخاطرات كبيرة دون أن تكون لها مخصصات كافية، وربما أيضا ينصرفون عن تلك البنوك التي لاتتحمل قسطا كافيا من المخاطر حتى تبقى على قدراتها التنافسية0
لذا فإن الشفافية مطلوبة لدعم التطبيق السليم للحوكمة ، وبالتالي فإن الإفصاح يجب أن يشمل هيكل المجلس (العدد، العضوية، المؤهلات، اللجان)، وهيكل الإدارة العليا (المسئوليات، المؤهلات، الخبرة)، والهيكل التنظيمي الأساسي (الهيكل القانوني، الهيكل الوظيفي)، والمعلومات المتعلقة بنظام الحوافز الخاص بالبنك، وطبيعة الأنشطة التي تزاولها الشركات التابعة 0
8 ـ دور السلطات الرقابية
ـ يجب أن تكون السلطات الرقابية على دراية تامة بأهمية الحوكمة وتأثيرها على أداء المؤسسة 0 ويجب أن تتوقع قيام البنوك بعمل هياكل تنظيمية تتضمن مستويات ملائمة من الرقابة، كما يجب إن تقوم السلطات الرقابية بالتأكد من إن مجلس الإدارة والإدارة العليا في المؤسسات المصرفية قادرين على القيام بواجباتهم ومسئولياتهم كما ينبغي 0
ـ يعد مجلس إدارة البنك والإدارة العليا بالبنك مسئولين بصفة أساسية عن أداء البنك ، وبذلك فإن السلطات الرقابية تقوم بالمراجعة للتأكد من أن البنك يدار بطريقة ملائمة، وتوجيه انتباه الإدارة لأي مشاكل قد تتكشف أثناء عملية الرقابة ، كما ينبغي على السلطات الرقابية أن تضع مجلس الإدارة موضع المحاسبة وأن تطالب باتخاذ إجراءات تصحيحية في الوقت المناسب وذلك في حالة تعرض البنك لمخاطر لا يمكن قياسها أو السيطرة عليها 0
كذلك يجب أن تكون السلطات الرقابية يقظة لأي إشارات إنذار مبكر بالنسبة للتدهور في إدارة أنشطة البنك ، حيث يجب عليهم مراعاة إصدار توجيهات إلى البنوك بشأن التطبيق السليم للحوكمة 0
ـ من الضروري قيام السلطات الرقابية بالتأكد من أن البنوك تقوم بإدارة أعمالها بالأسلوب الذي لا يضر بمصالح المودعين 0
مما سبق يتضح أن المسئولية الأساسية للتطبيق السليم للحوكمة في الجهاز المصرفي تقع على عاتق مجلس الإدارة والإدارة العليا للبنك، ومع ذلك تؤكد لجنة بازل على ضرورة توافر البيئة الملائمة لدعم التطبيق السليم للحوكمة في الجهاز المصرفي مثل القوانين والتشريعات التي تتولى الحكومة إصدارها والتي من شأنها حماية حقوق المساهمين، وضمان قيام البنك بنشاطه في بيئة خالية من الفساد والرشوة ووضع معايير للمراجعة 000 الخ0
القسم الثالث
الحوكمة على المستوى المحلى
حظيت قضية الحوكمة باهتمام متزايد خلال السنوات الأخيرة بسبب زيادة تداخل الاقتصاد المصري مع الاقتصاد العالمي عن طريق عولمة أسواق رأس المال وتزايد الدور الهام الذي يلعبه القطاع الخاص في الاقتصاد المصري 0
وقد اعتبرت مصر أول دولة عربية يتم إجراء تقييم لممارسة حوكمة الشركات فيها من قبل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، حيث تم الانتهاء من التقرير عام 2001 بالتعاون مع وزارة التجارة الخارجية وهيئة سوق المال وبورصة الأوراق المالية0 وقد أشارت نتائج هذا التقييم إلى أن القواعد المنظمة لإدارة الشركات والمطبقة في مصر تتماشى مع المبادئ الدولية في سياق 40 مبدأ من اجمالى 48 مبدأ0
هذا وتشير الدراسات إلى أن تطبيق قواعد الحوكمة في مصر قد شهد تطورا ملحوظا في الفترة من عام 2000 إلى مارس 2003، حيث ارتفع تقييم مصر في الالتزام بمبادئ الحوكمة إلى 80% في مارس 2003 مقارنة بـ 62% في عام 2000، مما ترتب عليه تحسن في التقييم الاجمالى لمستوى هذه القواعد حيث ارتفع عدد المعايير التي تتسق تماما أو بدرجة كبيرة مع المعايير الدولية من 40 معيارا في تقييم سبتمبر 2001 إلى 45 معيارا في تقييم مارس 2003 ، بينما انخفض عدد المعايير التي لا تتم مراعاتها في مصر أو تتم مراعاتها بدرجة منخفضة من 8 معايير في تقييم سبتمبر 2001 إلى 3 معايير فقط في تقييم مارس 2003 وتأتى تلك التطورات في إطار التغيرات العديدة التي حدثت في السوق المصري، حيث اتخذت هيئة سوق المال عددا من السياسات والإجراءات لتفعيل حوكمة الشركات في مصر منها إضافة أبواب جديدة للائحة التنفيذيـــة لقانون ســوق المال بما يعكــس التطــورات المحلية والعالمية في مجالات مثل التوريق ونشاط أمناء الحفظ والشراء بالهامش، والاهتمام بحماية حقوق الأقلية من المساهمين، وتطبيق معايير المحاسبة والمراجعة الدولية على السوق المصري، وإصدار قواعد صندوق حماية المستثمر ضد مخاطر تصفية الشركات العاملة في مجال الأوراق المالية بجانب تكوين جماعات لحماية حقوق حملة السندات، وصدور قانون الإيداع والقيد المركزي ولائحته التنفيذية وتطوير مشروع قانون لتنظيم مهنة المحاسبة والمراجعة بحيث يشمل بابا مستقلا عن مراقبة أداء مراقبي حسابات الشركات المسجلة في البورصة والمطروحة للاكتتاب العام0 وقد وافق مجلس إدارة الهيئة العامة لسوق المال على إصدار القواعد الجديدة لقيد واستمرار قيد وشطب الأوراق المالية تنفيذا لتوصيات البنك الدولي وصندوق النقد الدولى0
من ناحية أخرى فقد اتخذ البنك المركزي العديد من الإجراءات التي تتماشى مع القواعد الأساسية التي أقرتها لجنة بازل، والتي تؤدى إلى تفعيل الحوكمة في إطار الجهاز المصرفي والتي تتضمن الإطار القانوني والتنظيمي والرقابي والمصرفي إلى جانب وضع القواعد الحذرة والرقابية وكيفية تنفيذ وتطبيق القوانين المصرفية التي تتمثل في حدود نشاط الوحدات المصرفية ونسبة السيولة ونسبة الاحتياطي ومعدل كفاية رأس المال وتصنيف الأصول وتكوين المخصصات ، ونسبة تركز القروض والقروض المرتبطة والإقراض للأطراف المرتبطة 0
وفى هذا الصدد فقد قام البنك المركزي المصري بإلزام البنوك المصرية برفع الحد الأدنى لمعدل كفاية رأس المال من 8% إلى 10% مع نهاية شهر مارس 2003 توطئة لزيادته إلى 12% في مرحلة مقبلة0
كذلك فقد تم إصدار قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد رقم 88 لسنة 2003 والذي يمنح مجلس إدارة البنك المركزي الاستقلالية في إدارة شئونه وتحقيق الرقابة الصارمة على الجهاز المصرفي، كما تضمنت التعديلات توسيع المفهوم الرقابي لمجلس إدارة البنك بما يضمن التنسيق مع المؤسسات المالية غير المصرفية كسوق المال والتأمينات، وكذلك تضمن القانون إنشاء لجان للمراجعة الداخلية بما يدعم وسائل الرقابة الداخلية في البنوك ، كما تضمن القانون إنشاء صندوق لتحديث أنظمة العمل في بنوك القطاع العام وتنمية مهارات وقدرات العاملين فيها وتغطية نفقات إلحاقهم بالبرامج التدريبية المحلية والعالمية على أن توجه البنوك 5% من صافى أرباحها السنوية القابلة للتوزيع لتمويل الصندوق0
من ناحية أخرى فقد تناول القانون ضرورة قيام كل بنك بإبلاغ البنك المركزي بموقف كل عميل تتجاوز نسبة قروضه النسبة المحددة من قبل مجلس إدارة البنك المركزي والبالغة 30% من رأس المال ، كما يجب على البنك المركزي تجميع الموقف المالي لكل عميل يتجاوز النسبة المحددة تجاه الجهاز المصرفي في مجمله ، وأن هذه البيانات يجب أن تتوافر للبنوك العاملة ، وبالنسبة للإقراض للأطراف ذات الصلة لا يقتصر مفهوم الأطراف المرتبطة بالشركة الأم أو الشركات المنبثقة من البنك أو الواقعة معه في نفس المجموعة ، لكن هذا المفهوم يمتد أيضا ليشمل كلاً من المديرين التنفيذيين والقائمين على إدارة البنك 0
ويرى البعض أن أسلوب الحوكمة يتم تطبيقه في جميع البنوك المصرية وعلى رأسها البنوك العامة الكبرى وذلك من خلال إدارات التفتيش والمراجعة ويجرى تحديث وتطوير الآليات اللازمة لذلك للوصول إلى تحقيق الأسلوب الأمثل لتطبيق الشفافية في العمل، وقد شهدت السوق المصرفية بدء تنفيذ برنامج تحديث الجهاز المصرفي الذي أطلقته الحكومة بالتعاون مع البنك المركزي المصري خلال الربع الأخير من عام 2002 حيث بدأ البرنامج بإجراء تغييرات واسعة في رؤساء وأعضاء مجالس إدارات البنوك العامة ليشغلها ذوى الكفاءات والخبرات العالمية القادرة على تفعيل حركة التطوير الشاملة في الجهاز المصرفي بما يؤدى إلى رفع مستوى الأداء في البنوك0
انتهت بحمد الله المقالة الثانية لمسار كيم التعليمي للاتجاهات الحديثة في المراجعة
بقلم أ. د/ مدحت كمال
أستاذ المحاسبة والمراجعة – كلية التجارة – جامعة عين شمس
– تابعنا على صفحة موسوعة كيم لتنمية المهارات وبناء القدرات
أو تواصل معنا ( مركز الخبرات الإدارية والمحاسبية / كيم ) على رقم جوال أو واتس أب : 00201005289720
====================
هذه المادة محمية بحقوق الملكية لمركز كيم للتدريب والإستشارات ولايحوز الاقتباس منها الا بعد اذن كتابي من المالك CAME CENTER
اعداد / حمدي حسن – نائب مدير التدريب بمركز كيم